كرامة الإمام الهادي (عليه السلام) عند خروجه من المدينة
جعل الله لأنبيائه معجزات تدل على صدقهم وتؤيد دعوتهم وتلقي الحجة على خصومهم، وأوصياء الأنبياء ليسوا بعيدين عن هذا التأييد الإلهي فقد جعل لهم كرامات تدل على قربهم من الله وتربط قلوب المؤمنين بالله.
والأئمة (عليهم السلام) هم من أهل الكرامات الإلهية، ولكنهم كانوا يظهرونها في المواقف التي تستدعي نصرة الدين ودفع الباطل، وإليك نموذجًا من هذه الكرامات على يد إمامنا الهادي (عليه السلام):
يقول يحيى بن هرثمة دعاني المتوكل وقال: اختر ثلاثمائة ممن تريد واخرجوا إلى الكوفة، وخلّفوا أثقالكم فيها، واخرجوا على طريق البادية إلى المدينة، وأحضروا علي بن محمد النقي إلى عندي مكرمًا معظمًا مبجلاً.
قال: فقمت وخرجنا، وكان في أصحابي قائد من الشراة ، وكان لي كاتب متشيع، وأنا على مذهب الحشوية، وكان ذلك الشاري يناظر الكاتب، وكنت أسمع إلى مناظرتهما لقطع الطريق. فلما صرنا وسط الطريق قال الشاري للكاتب: أليس من قول صاحبكم علي بن أبي طالب "ليس في الأرض بقعة إلا وهي قبر، أو سيكون قبرًا"؟ فانظر إلى هذه البرية أين من يموت فيها حتى يملأها الله قبورًا كما تزعمون؟
قال: فقلت للكاتب: أهذا من قولكم؟ قال: نعم.
قلت: صدق، أين من يموت في هذه البرية العظيمة حتى تمتلئ قبورًا؟
وتضاحكنا ساعة إذ انخذل الكاتب في أيدينا، قال: وسرنا حتى دخلنا المدينة، فقصدت بيت أبي الحسن علي بن محمد بن الرضا، فدخلت عليه فقرأ كتاب المتوكل فقال: انزلوا، وليس من جهتي خلاف.
قال: فلما حضرت إليه من الغد، وكنّا في تموز أشد ما يكون من الحرّ، فإذا بين يديه خياط وهو يقطع من ثياب غلاظ - خفاتين - له ولغلمانه، ثم قال للخياط: إجمع عليها جماعة من الخياطين، واعمد على الفراغ منها يومك هذا وبكر بها إلي في هذا الوقت.
ثم نظر إليّ وقال: يا يحيى، اقضوا وطركم من المدينة في هذا اليوم، واعمل على الرحيل غدًا في هذا الوقت.
قال: فخرجنا وإنما بيننا وبين العراق مسيرة عشرة أيام، فما يصنع بهذه الثياب؟! ثم قلت في نفسي: هذا رجل لم يسافر، وهو يقدِّر ويظن أن كل سفر يحتاج فيه إلى هذه الثياب، والعجب من الرافضة حيث يقولون بإمامة هذا مع فهمه هذا.
فعدت إليه في الغد في ذلك الوقت، فإذا الثياب قد أحضرت، فقال لغلمانه: ادخلوا، وخذوا لنا معكم لبابيد وبرانس، ثم قال: ارحل يا يحيى.
فقلت في نفسي: هذا أعجب من الأول، أيخاف أن يلحقنا الشتاء في الطريق حتى يأخذ معه اللبابيد والبرانس.
فخرجت وأنا أستصغر فهمه حتى إذا وصلنا إلى مواضع المناظرة في القبور ارتفعت سحابة، واسودت وأرعدت وأبرقت حتى إذا صارت على رؤوسنا أرسلت بردا مثل الصخور، وقد شدّ على نفسه وغلمانه الخفاتين، ولبسوا اللبابيد والبرانس وقال لغلمانه: ارفعوا إلى يحيى لبادة، وإلى الكاتب برنسًا.
وتجمعنا والبرد يأخذنا حتى قتل من أصحابي ثمانون رجلاً، وزالت، ورجع الحر كما كان.
فقال لي: يا يحيى، أنزل من بقي من أصحابك ليدفن من مات، فهكذا يملأ الله هذه البرية قبورًا.
قال: فرميت نفسي عن الدابة واعتذرت إليه، وقبلت ركابه ورجله، وقلت: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وأنكم خلفاء الله في أرضه، وقد كنت كافرًا، وإني الآن أسلمت على يديك يا مولاي. قال: فتشيعت، ولزمت خدمته إلى أن مضى .
مناقب آل أبي طالب، ابن شهر آشوب، ج4 ص411؛ وشرح أصول الكافي - مولى محمد صالح المازندراني، ج 7 ص 298.
جعل الله لأنبيائه معجزات تدل على صدقهم وتؤيد دعوتهم وتلقي الحجة على خصومهم، وأوصياء الأنبياء ليسوا بعيدين عن هذا التأييد الإلهي فقد جعل لهم كرامات تدل على قربهم من الله وتربط قلوب المؤمنين بالله.
والأئمة (عليهم السلام) هم من أهل الكرامات الإلهية، ولكنهم كانوا يظهرونها في المواقف التي تستدعي نصرة الدين ودفع الباطل، وإليك نموذجًا من هذه الكرامات على يد إمامنا الهادي (عليه السلام):
يقول يحيى بن هرثمة دعاني المتوكل وقال: اختر ثلاثمائة ممن تريد واخرجوا إلى الكوفة، وخلّفوا أثقالكم فيها، واخرجوا على طريق البادية إلى المدينة، وأحضروا علي بن محمد النقي إلى عندي مكرمًا معظمًا مبجلاً.
قال: فقمت وخرجنا، وكان في أصحابي قائد من الشراة ، وكان لي كاتب متشيع، وأنا على مذهب الحشوية، وكان ذلك الشاري يناظر الكاتب، وكنت أسمع إلى مناظرتهما لقطع الطريق. فلما صرنا وسط الطريق قال الشاري للكاتب: أليس من قول صاحبكم علي بن أبي طالب "ليس في الأرض بقعة إلا وهي قبر، أو سيكون قبرًا"؟ فانظر إلى هذه البرية أين من يموت فيها حتى يملأها الله قبورًا كما تزعمون؟
قال: فقلت للكاتب: أهذا من قولكم؟ قال: نعم.
قلت: صدق، أين من يموت في هذه البرية العظيمة حتى تمتلئ قبورًا؟
وتضاحكنا ساعة إذ انخذل الكاتب في أيدينا، قال: وسرنا حتى دخلنا المدينة، فقصدت بيت أبي الحسن علي بن محمد بن الرضا، فدخلت عليه فقرأ كتاب المتوكل فقال: انزلوا، وليس من جهتي خلاف.
قال: فلما حضرت إليه من الغد، وكنّا في تموز أشد ما يكون من الحرّ، فإذا بين يديه خياط وهو يقطع من ثياب غلاظ - خفاتين - له ولغلمانه، ثم قال للخياط: إجمع عليها جماعة من الخياطين، واعمد على الفراغ منها يومك هذا وبكر بها إلي في هذا الوقت.
ثم نظر إليّ وقال: يا يحيى، اقضوا وطركم من المدينة في هذا اليوم، واعمل على الرحيل غدًا في هذا الوقت.
قال: فخرجنا وإنما بيننا وبين العراق مسيرة عشرة أيام، فما يصنع بهذه الثياب؟! ثم قلت في نفسي: هذا رجل لم يسافر، وهو يقدِّر ويظن أن كل سفر يحتاج فيه إلى هذه الثياب، والعجب من الرافضة حيث يقولون بإمامة هذا مع فهمه هذا.
فعدت إليه في الغد في ذلك الوقت، فإذا الثياب قد أحضرت، فقال لغلمانه: ادخلوا، وخذوا لنا معكم لبابيد وبرانس، ثم قال: ارحل يا يحيى.
فقلت في نفسي: هذا أعجب من الأول، أيخاف أن يلحقنا الشتاء في الطريق حتى يأخذ معه اللبابيد والبرانس.
فخرجت وأنا أستصغر فهمه حتى إذا وصلنا إلى مواضع المناظرة في القبور ارتفعت سحابة، واسودت وأرعدت وأبرقت حتى إذا صارت على رؤوسنا أرسلت بردا مثل الصخور، وقد شدّ على نفسه وغلمانه الخفاتين، ولبسوا اللبابيد والبرانس وقال لغلمانه: ارفعوا إلى يحيى لبادة، وإلى الكاتب برنسًا.
وتجمعنا والبرد يأخذنا حتى قتل من أصحابي ثمانون رجلاً، وزالت، ورجع الحر كما كان.
فقال لي: يا يحيى، أنزل من بقي من أصحابك ليدفن من مات، فهكذا يملأ الله هذه البرية قبورًا.
قال: فرميت نفسي عن الدابة واعتذرت إليه، وقبلت ركابه ورجله، وقلت: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وأنكم خلفاء الله في أرضه، وقد كنت كافرًا، وإني الآن أسلمت على يديك يا مولاي. قال: فتشيعت، ولزمت خدمته إلى أن مضى .
مناقب آل أبي طالب، ابن شهر آشوب، ج4 ص411؛ وشرح أصول الكافي - مولى محمد صالح المازندراني، ج 7 ص 298.